العقيدة
الدين واركانه
الدين عند الله
الدين الذى اختاره الله لعباده ورضيه وفطرهم عليه هو الاسلام لاغير قال تعالى فى سورة ال عمران (ان الدين عند الله الاسلام) الاية (19) وقال تعالى فى نفس السورة ايضا (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين ) الاية (85) فما من نبى الا دان بهذا الدين واسلم وجهه لله رب العالمين وامر قومه بذلك والقران خير شاهد على هذا اذ قال سبحانه وتعالى فى سورة البقرة (واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا أنك انت السميع العليم .ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولا منهميتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم .ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الاخرة لمن الصالحين . اذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين .ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بنى ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون . أم كنتم شهداء إ ذا حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون )الايه 127:133
وقال جل شأنه عن لوط وبنتيه فى سورة الذاريات (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) الايه 35:36 وحكى سبحانه فى سورة آل عمران عن الحواريين أ تباع سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام فقال (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى الى الله قال الحواريون نحن انصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون)الايه 52 .وقال جل وعلى فى سورة الشورى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيمو الدين ولا تتفرقوا فيه ) الايه 13. وقال سبحلنه أيضا فى سورة الروم (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )الايه 30.
معنى الدين
الدين معناه فى اللغة الأنقياد والطاعة . تقول دان فلان لفلان أى خضع له وانقاد إليه .إذاً فدين الله الذى ارتضاه لعباده معناه الخضوع له سبحانه وتعالى والانقياد إليه . ومن هنا سمى الدين بالاسلام وبالإيمان أيضا ويسمى بالإحسان كذلك . لأن الدين مجموع هذه الامور الثلاثة كما جاء فى الحديث المشهور الذى يرويه مسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : ( بينما نحن جلوس عند رسول الله صل الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه احد حتى جلس إلى النبى صل الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرنى ما الاسلام فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : الإسلام ان تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة ، وتصوم رمضان ،وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال :صدقت ، قال فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرنى عن الايمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت ، قال : فأخبرنى عن الإحسان قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال :فأخبرنى عن الساعة ، قال ما المسؤل عنها بأعلم عن السائل ، قال فأخبرنى عن أماراتها ، قال أن تلد الأمة ربتها . وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون فى البنيان ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال : ياعمر أتدرى من السائل ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال هذا جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم ) من هذا الحديث الشريف نفهم أن الدين الذى رضيه الله لعباده هو الاسلام والايمان والاحسان ويصح أن يطلق كل واحد من هذه الثلاثة علية فيسمى إسلاما ،ويسمى إيمانا ،ويسمى إحسانا ، وإن كان لكل حقيقة تميزه عن سواه .فالاسلام يعرف بأنه الانقياد الظاهرى لله وقد يعرف بأنه التصديق باللسان والعمل بالاركان ويعرف الايمان بانه التصديق الجازم بكل ما جاء به النبى صل الله عليه وسلم ويكون العمل بالاركان شرطا فى صحته ودليلا عليه ونحن لا يعنينا هنا أن ندخل فى مناقشات أو مجادلات حول الفرق بين الاسلام والايمان فهذا من خصائص علم التوحيد ويعنينا هنا ان نعرف اركان كل قسم منهما كما جاء فى الحديث .
أركان الاسلام
أركان الاسلام أو قواعده التى يبنى عليها خمسة كما أفاده هذا الحديث المتقدم وأيضا حديث عبدالله ابن عمر رضى الله عليهما قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول (بنى الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) اخرجه البخارى ومسلم
سوف نشرح كل قسم بالتفصيل كما يلى
الركن الاول : الشهادتان
ومعنى أشهد أن لا إله إلا الله يعنى أقر وأعترف عن علم وإذعان بأنه لا معبود بحق إلا الله ومعنى أشهد ان محمداً رسول الله يعنى أقر وأعترف عن علم وإذعان أن محمداً مرسل من ربه بالحق وأن ما بلغ به عن ربه حق وصدق
الركن الثانى : إقام الصلاة
وهو المداومة عليها وأداؤها فى أوقاتها بكامل هيئتها وخشوعها وطمئنينتها ، وتقول اقمت الشئ أى جعلته مستقيما معتدلا ، وتقول أقمت على الشئ لأى داومت عليه ،وتقول قومت الشئ أى أتممته ووفيته حقه ، وتقول أقمت فى المكان أى لبثت فيه مدة من الزمن.
فقول النبى صل الله عليه وسلم وإقام الصلاة وقول الله تعالى وأقيمو الصلاة تحتمل هذه المعانى الاربعة وهذا سر التعبير فى القرآن الكريم فى الأمر بأداء الصلاة إذ لم يقل سبحانه وتعالى مثلا أدوا الصلاة ولكن قال أقيموا الصلاة وقد جاء فى القرآن الأمر بالمحافظة عليها ويطول القيام فيها وبأدائها فى أوقاتها وبالمحافظة على أركانها وسائر أعمالها فقال سبحانه فى سورة البقرة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) الاية 238 :والصلاة الوسطى هى صلاة الصبح وقيل صلاة العصر وقيل غير ذلك .
ومعنى قوله تعالى وقوموا لله قانتين اى قوموا فى الصلاة قياما طويلا خاشعين لله وقال تعالى فى سورة النساء ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) الاية 103 : وقد نزلت هذه الاية ضمن ما نزل فى صلاة الخوفوهى صلاة مخففة فاذكروا الله فى جميع أحوالكم فإذا أمنتم على انفسكم من العدو فأقيموا الصلاة أى اتموها .الظهر أربعا والعصر أربعا والعشاء أربعا على النحو المعروف.(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )أى فرضا مؤقتا بوقت لا ينبغى تجاوزه .وقال تعالى (قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون ) الى ان قال جل وعلا (والذين هم على صلواتهم يحافظون . أؤلئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)هذة الايات تشرح منعى قوله تعالى وأقيمو الصلاة فهو لفظ موجز يحمل كل المعانى التى تقدم ذكرها فما أجمل أسلوب القرآن وما أدق تعبيره .
الركن الثالث : الزكاة
هى مال مخصوص يؤخذ من مال مخصوص إذغ بلغ قدرا مخصوصا .
الركن الرابع: الصوم
هو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج يوما كاملا من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس بنبة والصيام المفروض على المكلف هو صيام شهر رمضان
الركن الخامس:الحج
هو عبادة ذات إحرام وطواف بالبيت سبعا وسعى بين الصفا والمروة سبعا ووقوف بعرفة جزء من ليلة النحر .
هذه الاركان الخمسة هى الاسلام فى جملتة وما سواها من اعمال متعلقة بالابدان والاموال تابعة لها فمن قدر على أداء هذه الاركان الخمسة سهل عليه أن يؤدى ما سواها من أعمال البر ومن اخل بركن منها فقد أخل بالاسلام وأتى على بنيانه من القواعد فالاسلام يشبه بيتا له دعائم أو أعمدة لا يستغنى عن واحدة منها فإذا سقطت دعامة إنهار البيت وخر السقف من فوقه على من تحته
أركان الإيمان
أركان الإيمان ستة كما أفاده حديث عمر رضي الله عنه المتقدم من حديث رسول الله صل الله عليه وسلم وهى كالاتى
الركن الاول :الايمان بالله
معناه الاقرار عن علم وبصيرة بأن الله واحد لا شريك له متصف بكل كمال يليق بذاته منزه عن كل نقص لا يليق بذاته خلق الخلق من العدم ورباهم على موئد الكرم واسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة
الركن الثانى الايمان بالملائكة
هم اجسام نورانية لطيفة لها القدرة على التشكل بالاشكال الحسنة دون الاشكال القبيحة وهم ليسوا ذكورا ولا إناثا فمن قال انهم ذكور فقد فسق ومن قال انهم إناث فقد كفر ، قال تعالى فى سورة النجم الايه 27 (إن الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى) يعنى يقولون الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والملائكة لا يعصون الله ولا يخالفون أمره ولا يفترون عن عبادته ولا يكفون عن التسبيح بحمده قال تعالى فى سورة الانبياء الاية 26-28 (وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) وقال تعالى فى اخر سورة الاعراف (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) وقال تعالى فى سورة فصلت الاية 38 (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون ) وقال تعالى فى سورة التحريم الاية 6 (ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )
الركن الثالث :الإيمان بالكتب المنزله
وهى كثيرة والمشهور منها صحف ابراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى والقرآن العظيم والايمان بهذه الكتب جميعا واجب إلا ما اصابه التحريف أو التبديل ومن المعروف أن هذه الكتب تعرضت للتجريف والتبديل إلا القرآن الكريم فإنه محفوظ بعناية الله ورعايته من ادنى تحريف او تبديل .قال تعالى فى سورة الحجر الاية 9 (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وعلى ذلك فلسنا مطالبين بأن نؤمن بجميع ما جاء فى التوراة التى بأيدى اليهود ولا بالانجيل الذى بأيدى النصارى ولكن نؤمن بما جاء فيهما موافقا لشريعتنا لان الشرائع كلها ذات أصول موحدة لا يختلف أصل فى شريعة عن شريعة أخري . قال تعالى الاية 13 من سورة الشورى
(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذى أوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)
الركن الرابع :الإيمان بالرسل
وهم كثيرون منهم من ورد ذكره فى القرآن والسنه ومنهم من لم يرد ذكره قال تعالى فى سورة النساء الاية 164-165 (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )والايمان بهم جميعا واجب من غير تفريق بين رسول ورسول فالجميع دعوا الى الله تعالى وبلغوا رسالاتهم على أتم وجه وأكمله قال تعالى (آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير) سورة البقرة الايه 285 .
الركن الخامس :الايمان باليوم الاخر
يبتدى هذا اليوم بالموت فإذا مات الانسان فقد قامت قيامته والايمان باليوم الاخر بكل ما فيه واجب مادام قد اخبرنا به الصادق المصدوق ونقل عنه الخبر بطريق صحيح ولا يخفى عليك مافى هذا اليوم من بعث ونشر وحشر وحساب وميزان وثواب وعقاب وجنة ونار وغير ذلك مما هو ثابت فى القرآان الكريم والسنه المطهرة .
الركن السادس :الايمان بالقدر
هو التصديق الجازم بأن كل ما يقع فى هذا الكون إنما يقع بقضائه وقدره وقضاء الله هو حكمه الذى لا يرد وقدر الله هو علمه المحيط بجميع الكائنات والايمان بالقدر يقتضى التسليم والرضى به قال تعالى فى سورة التغابن الاية 11: (ما أصاب من مصيبة إلتا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم) وقال تعالى فى سورة الحديد (ما أصاب من مصيبة فى الارض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)الاية 22-23:
حقيقة الاحسان وأركانه
قال العز بن عبد السلام فى كتابه النفيس زبد خلاصة التصوف الاسلام قيام البدن بوظائف الاحكام والايمان هو قيام القلب بوظائف الاستسلام والاحسان قيام الروح بمشاهدة الملك العلام ألا تراه يعنى الرسول صل الله عليه وسلم يقول الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فتكون قائما بوظائف العبوديه مع شهودك أياه فان لم تكن تراه فانه يراك فتكون قائما بوظائف العبودية مع شهوده اياك فانت فى الاول مراد وفى الثاتى مريد لانه حين أرادك أشهدك إياه وحين اردته كانت الارادة منك له فلذلك حجبك فلو كانت الارادة منه لك ما حجبك فانه لا توصل الا به . واركان الاحسان هى مجموع اركان الاسلام ولايمان فتدبر ولا تكن من الغافلين .
المراجع
الفقه الواضح من الكتاب والسنة د/ محمد بكر اسماعيل جزء العبادات
ماشاء الله
ردحذفالله أكبر جميل جدا
ردحذف